كما قال: ( هناك زواج في ((الحقيقة)).. وهناك زواج في ((الشريعة)).. فأما، في (الحقيقة) فإن زوجتك هي صنو نفسك.. هي شقيقة نفسك.. هي انبثاق نفسك عنك خارجك.. وهي، بذلك جماع آيات الآفاق لك.. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ((سنريهم آياتنا، في الآفاق، وفي أنفسـهم، حتى يتبين لهم أنه الحق.. أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد؟؟)).. وما يقال، في هذا المستوى، عن موضع الزوجة من الزوج، يقال عن موضع الزوج من الله.. فالزوجة هي أول تنزل من الوحدانية الحادثة إلى الثنائية.. هذه هي الزوجة في ((الحقيقة)): ((يا أيها الناس اتقوا ربكم، الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا، ونساء.. واتقوا الله الذي تساءلون به، والأرحام.. إن الله كان عليكم رقيبا)).. وهذه النفس الواحدة هي، في أول الأمر، وفي بدء التنزل، نفس الله، تبارك وتعالى - هي الذات القديمة التي منها تنزلت الذات الحادثة، وتلك هي الإنسان الكامل (الحقيقة المحمدية).. والإنسان الكامل هو أول قابل لتجليات أنوار الذات القديمة - الذات الإلهية- وهو، من ثم، زوجها.. وإنما كان الإنسان الكامل زوج الله لأنه إنما هو في مقام العبودية.. ومقام العبودية مقام انفعال، في حين أن مقام الربوبية مقام فعل.. فالرب فاعل، والعبد منفعل.. ثم تنزلت من الإنسان الكامل زوجته.. فكان مقامها منه، مقامه، هو، من الذات.. فهي منفعلة، وهو فاعل.. وهذا هو، في الحقيقة، مستوى العلاقة ((الجنسية)) بين الرجل والمرأة..
الى قوله: ( هذه، تحوي الإشارة إلى زوج الذات الحادثة ((ومن أنفسهم)) هذه، تحوي العبارة عن أزواجنا - المرأة- و ((مما تنبت الأرض)) هذه، تحوي الإشارة إلى كل شئ.. وحين يكون إنجاب الذرية هو نتيجة العلاقة ((الجنسية)) بيننا وبين نسائنا: ((وبث منهما رجالا كثيراً، ونساء))، تكون ثمرة العلاقة بين الذات القديمة وزوجها - الإنسان الكامل- المعارف اللدنية.. فإن انفعال العبودية للربوبية يرفع الحجب التي أنستنا النفس التي هي أصلنا - نفس الله، تبارك، وتعالى: ((يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة)).. وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين - الذات الإلهية، والإنسان الكامل - ينبث العلم اللدني، في فيض يغمر العبد العالم من جميع أقطاره.. ومن هذا العلم.. اللدني رجال، ونساء، ((وتلك الأمثال نضربها للناس، وما يعقلها إلا العالمون)).. فهذا الوضع بين الذات الإلهية، والإنسان الكامل - انفعال العبودية بالربوبية - هو الذي جاء الوضع منه بين الرجال والنساء- انفعال الأنوثة بالذكورة.. وهو ما يسمى عندنا، بالعلاقة ((الجنسية)).. وهي علاقة عظيمة الشرف لأنها، حين تقع بشريعتها بين الأطهار الرفعاء، العارفين بالله، تكون ثمرتها، المباشرة تعميق الحياة، وإخصابها، ووصلها بالله، بغير حجاب.. وهذه هي ذروة اللذة.. وتكون ثمرتها، شبه المباشرة، المعارف اللدنية، التي تفاض والتي تغمر الذكر، والأنثـى، اللذين تقع بينهما هذه المشاركة النظيفة الرفيعة.. ثم تكون ثمرتها، غير المباشرة، الذرية الصالحة من بنين وبنات: ((وبث منهما رجالا كثيرا، ونساء..)).. وإنما عنيت بالمباشرة المتصلة بالذات الإلهية، وشبه المباشرة، التي تليها من حيث القرب من الذات، وغير المباشرة التي تلي هذه.. ثم تتوالى اللذات في التنزل كلذة الاستمتاع، والانتفاع بالذرية الصالحة، التي تكون قرة عين في الدنيا والآخرة).
نقول تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فانه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا.
ومن العبارات التي يشير فيها الى ان الله هو عين المخلوقات في كتاب اسئلة واجوبة قال: ( لكل ذرة في الوجود شكل هرمي ..(فإن أحمد مظهر اسم الله الهادي، وإبليس مظهر اسم الله المضل.. فإذا استقر هذا في الأذهان يستقر أيضاً أن الوجود كله مظهر الله في مستويات مختلفة، وما نسميه نحن الخلق ما هو غير الخالق).
كما قال: (فليس في دنيا الإنسان الكامل غير الله، لأنه هو الله .. فأنت، بلا ريب، تذكر قولنا عن تنزل الذات إلى مرتبة الإسم، ثم إلى مرتبة الصفات، ثم إلى مرتبة الأفعال .. وقد قلنا أن مرتبة الإسم هي مرتبة الإنسان الكامل .. فالإسم الذي تنزلت إليه الذات الصرفة هو (الله) .. وهذا هو معنى قولنا أن الإنسان الكامل هو الله).
وليبين ان مراده العابد هو المعبود والذي يشهد هو ذات المشهود اي الله، ما جاء في عبارته التالية: (فهو حين يدخل من مدخل شهادة (( ألا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله )) يجاهد ليرقى بإتقان تقليد المعصوم إلى مرتبة (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) ثم يجاهد بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة ، ولا يرى إلا أن الشاهد هـو المشهود ، ويطالع بقوله تعالى (( شهد الله أنه لا إله إلا هو ، والملائكة ، وأولو العلم ، قائما بالقسط ، لا إله إلا هو ، العزيز الحكيم )) وعندئذ يقف على الأعتاب ، ويخاطب كفاحا ، بغير حجاب (( قل الله ! ثم ذرهم في خوضهم يلعبون )) ، و (( قل )) هنا تعني (( كن )).
ويبلغ به الاستخفاف بقول الناس حتى قال: قل هنا تعني كن.
وحتى يؤكد انه يعني وحدة الوجود بل ويمجدها فقد قال في كتاب اسئلة واجوبة: ( وسيقول قائل إن هذه هي وحدة الوجود، فليعلم هذا أن وحدة الوجود هي التوحيد، وما أنكرها، من أنكرها، إلا لجهله بحقيقتها، فوحدة الوجود تعني أن ليس في الوجود إلا فاعل واحد، ومريد واحد، وكل ما في الوجود إنما هو أثر لإرادة واحدة، لا تتعدد).
كما قال في كتابه: أدب السالك في طريق محمد. ص8: ( فالله تعالى إنما يعرف بخلقه، وخلقه ليسوا غيره، وإنما هم هو في تنزل، هم فعله ليس غيره وقمة الخلق وأكملهم في الولاية هو الله وهو الإنسان الكامل وهو صاحب مقام الاسم الأعظم (الله) فالله اسم علم على الإنسان الكامل).
وقال كتاب الاسئلة والاجوبة: (نحن نشارك الله في أخلاقه، فقد خلقنا، تبارك وتعالى علي شاكلته).
الى قوله: (ليس معنى قوله تعالى "ليس كمثله شيء" أننا لا نشبهه.. لا من قريب ولا من بعيد.. بل الحق إننا نشبهه تعالى)
الى قوله الضال: (أولاً، كلمة الله تطلق في القرآن، في المعنى القريب، على الإنسان الكامل، وفي المعنى البعيد على الله، تبارك وتعالى في إطلاقه.. ولكن الله، تبارك وتعالى، في إطلاقه، فوق الأسماء، والصفات ــ هو منزه عن الأسماء ــ ولكنه تنزل إلى مرتبة الاسم، فسمى نفسه "الله"، وتعلقت به جميع الصفات، وجسده الإنسان الكامل.. فأسماء الله الحسنى كلها أسماء، وصفات للإنسان الكامل، الذي اكتملت فيه الصورة الإلهية في عبارة "إن الله خلق آدم على صورته".. وهي لا حظ لها من الذات المطلقة إلا الإشارة..الى قوله: ( وأما الله بالمعنى القريب ــ الإنسان الكامل ــ فهو يسمع بذاته، ويرى بذاته أيضاً، لا بأذن، وعين، لأن كل حاسة منه قد صارت كله، فهو، كله، في أي جزء منه ــــ فابن الفارض كان يقول:
وصرت موسى زمــاني * مذ صار بعضي كلي
وهذه حالة تحققها قمة التوحيد، لأن قمة التوحيد أن يكون الموحِد "بكسر الحاء" وحدة. ليس في الوجود إلا الله.. والمخلوقات هي مظاهر قدرته ــ هي قدرته مجسدة ــ وقدرته ليست غيره، وإنما هي، عند التناهي، ذاته.. فالمخلوقات هي الله.. والإنسان طليعتها في ذلك، في اعتبار العروج إلى الله من درجات البعد، بين القدرة، والإرادة، والعلم، والذات.. فالمخلوقات هي الله، ولكن الله ليس المخلوقات.
كما قال: ( رأي أرسطو عن الله يتفق في جملته مع الإسلام، ويختلف في دقائق التفصيل ــ).
اقول وهذا ما يؤكد انه على فهم الفلاسفة الملحديث امثال افلاطون الذي ذكره.
وتامل مرة اخرى قوله: (فالمخلوقات هي الله). راجعها مرة اخرى. (فالمخلوقات هي الله).
فماذا تنتظرون من عمر القراي وشيخه محمود بعد هذا.
ان دينكم الاسلامي بكامله عنده لا يصلح وقد جعلها عنوان لاحد كتبه وكانت محاضرة وطبعت حيث قال
عنوان المحاضرة – الإسلام برسالته الأولي لا يصلح لإنسانية القرن العشرين – عنوان مقصود بالذات، ولا يغني غيره غناءه .. وهو لم يقصد لغرابته، ولم يقصد ليثير الاهتمام، وإنما لأنه هو العنوان الدال على المحتوى الذي قيل تحته .. ونحن نعلم أن المحتوى الذي انبنت عليه المحاضرة غريب .. الى قوله" ) ودعوة الحزب الجمهوري إلى الإسلام اليوم غريبة .. وإنما جاءت غرابتها من هذا الباب أيضا .. فالحزب الجمهوري يدعو إلى رفع عمود التوحيد إلى مستوى جديد، ليس له في ماضي أمتنا من قدوة غير المعصوم .. فهو يدعو إلى أن يسير الناس من مرتبة الايمان، التي كانت حظ الأمة الماضية – أبي بكر فمن دونه – إلى مرتبة الأمة المسلمة التي لم يمثلها من سلفنا غير المعصوم .. وهذه تتمثل في دعوة الحزب الجمهوري إلى السير في مدارج الإسلام الذي يبدأ بالإسلام الأول، ثم الايمان، ثم الاحسان، ثم علم اليقين، ثم علم عين اليقين، ثم علم حق اليقين، ثم الإسلام الأخير، الإسلام من جديد .. وهي المرتبة التي عناها الله حين قال ((إن الدين عند الله الإسلام)) وهي هي المرتبة التي كان يعيشها النبي وحده حين كانت أمته – أبو بكر فمن دونه – يعيشون مرتبة الايمان، من هذا الدين العظيم).
وخلاصة دعوة الحلول سواء محمود او الاخرين يرون ان المخلوقات تزلات من الذات الالهية ويرون ان المادة لا تفنى ولا تخلق من العدم. كما يذكرها ملاحدة اضافوها لعلم الفيزياء لتشكيك الناس. ولكن الله تعالى قد ذكر انه يخلق من العدم بل لم تكن شيئا من قبل حتى لا يقول البعض بنظرية التطور وان الانسان تطور من حشرة حتى اصبح قرد ثم انسان. لكن الله تعالى قال عن الانسان من قبل( لم يكن شيئا مذكورا) كما في الاية: ( هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا). وقال قال تعالى لنبيه ذكريا : وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا).
فالمخلوقات هل شي ام ليس شيء وكل شي مخلوق كما قال تعالى : ( الله خالق كل شيء). الزمر. لو كانت ذات الله لم تكن مخلوقة لكن المادة من مخلوقاته ولو كانت هي ذاته او منها فكيف تهلك والله تعالى قال : (كل شيء هالك الا وجهه).
فعبارتهم المادة لا تفنى تخالف قول الله تعالى. فالمادة قابلة للفناء لان كل ما حدث وكان غير موجود فهو قابل للعدم ). الا ما ابثاه الله بامر وهذا يعني ليست باقية من مادتها.
اما مما خلقنا فقد بينه القرءان قوله تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا). 11 فاطرٌ
وقال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ). ص (71) . وقال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29). الحجر.
فابينا ادم الذي اسجد له الملائكة لم يكن تطور من حشرة بل سواه الله من تراب.
وضرب الله مثلا بذلك لما اخبرهم عن خلق عيسى عليه السلام مشيرا الى خلق ادم عليه السلام فقال تعالى: ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ). 59 آل عمران.