حقيقة الاسلام وجوهر الدين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حقيقة الاسلام وجوهر الدين

حكمة الخلق والرسالة والمراد من العالمين
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الاحتجاج او الخروج على الحاكم الظالم متى وكيف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 100
تاريخ التسجيل : 20/07/2019

الاحتجاج او الخروج على الحاكم الظالم متى وكيف Empty
مُساهمةموضوع: الاحتجاج او الخروج على الحاكم الظالم متى وكيف   الاحتجاج او الخروج على الحاكم الظالم متى وكيف Emptyالأحد أبريل 17, 2022 4:13 pm

حكم حالات الاحتجاج او الخروج على الحاكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اتناول هذه المسالة لما راينا وسمعنا من اختلاط الاحكام على البعض في وقت يموت فيه الناس على الطرقات واصبح العامة بين من يدافع عن القاتل بادلة يريد بها الورع وبين اخرين استغلوا بعض النصوص ليحققوا بها مطامع سياسية، واختلطت الاحكام على بعضهم وذلك يجعلنا نورد بحث في المسالة لاجل ازالة الالتباس في الاحكام، ونبين احالات الجائزة من الممنوع، ومنع الشي في الاصل قد يجوز احيانا اخرى بل ربما منهي عنه في حالة يصبح فعله مباح ويمكن واجب لدرء مفاسد مثل تحريم القتال في الحرم او الاشهر الحرم ولكن الله تعالى اباحه لما ترتب على الناس من مخاطر جعلت اباحة المحرم لدرء ذلك، كما قال تعالى: (وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ). البقرة 191 . وذلك لمّا كان المشركون يجبرون الناس على ترك الدين وهي الفتنة المرادة في العبارة التي قبل هذا في الاية (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ). والشاهد من هذا ان المحرم ابيح لسبب، فكيف بمسائل يجتهد فيها الناس ايها الاولى.
وهناك مسائل من الواقع واحداث قد يختلف فيها هل وصلت لهذا الحد ام لا، فان اختلف الناس في جوازها فلا يحتج على الاخر ولا يعترض عليه، وفي حالة تقييم نظام جائر شاع ظلمه واختلف الناس في السعي الى خلعه او الصبر عليه، واحتج البعض بادلة منع الخروج على الحاكم والتي هي الاصل اذا كان الظلم لم يبلغ درجة اضاعة الضرورييات الخمس. او الظلم للعامة وليس الفرد. وهناك من قيم وقدر الحدث بانه بلغ حالة تبيح نزع الحاكم بعدة حالات ياتي ذكرها.
واشير الى ان التجرد في التعامل مع المسالة من غير مواقف مسبقة يدافع كل منا عن ذلك ولكن البحث عن الادلة وما هو يتقرب به الى الله تعالى.
واقول ان المعلوم عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم وايضا غير المسلم اذا كان الخروج تصرف افراد بلا امة تستطيع التمكين للدين، ولكن هذا المنع ليس في كل حال، فهناك حالة يجوز فيها الخروج او الاحتجاج او السعي من الامة لنزعه، وسيرد بيانها وليس كل احتجاج يعني الخروج بالسيف فيمكن ان يكون اعتراض على ظلم او دفاعا عن مظلومين او حتى تعبير عن رغبة اغلبية الناس عن تولية من هو يوقف التضرر او يقلله.
واقول ان الحالة المطلوب بيانها هنا ليست الخروج على الحاكم المسلم في اغلب بلدان المسلمين اليوم. ولكن هناك حالة اذا حدثت تغيرت الفتوى والموقف تبعا لتغير الواقع، وحتى دول الاعتدال في عصرنا التي لا تبيح الخروج اقرّت ذلك في عدة حالات بل وشاركت فيها ومولتها لانها حالة بلغت درجة تبيح التغيير.
واذا تاملنا سيرت السلف لوجدنا سابقة في السعي لعزل الحاكم الجائر، وليس فينا من يحتج او يعترض على احد سيدي شباب اهل الجنة، الامام الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقد ثار على يزيد بن معاوية وهو خليفة المسلمين في عصر من العصور الخيرة، وقال فيه الحسين: (وما أظن لي عند الله عذراً في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك هذه الأمة). 5\6 الذهبي تاريخ الإسلام .
كما خرج عليه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما. وايدته امه الصحابية الشهيرة المجاهدة بنت ابي بكر الصديق ذات النطاقين اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما. وهي القائلة عندما قتل ابنها وصلبوه: أما آن لهذا الفارس ان يترجل؟. فهي لم تندم على ذلك ولم تقل بتحريم خروجه بالسيف وليست مجرد احتجاج.
كما اشتهر الامام ابي حنيفة انه ساعد زيد بن علي للخروج على الخليفة الاموي، بل وموله بآلاف الدراهم.
وكذلك مساندته لمحمد بن عبد الله الملقب بالنفس الزكية وحث الناس ودعاهم لمناصرته ومبايعته، وقال بأن الخروج معه أفضل من جهاد الكفار، كما ذكر ذلك الجصاص: (ومثل ذلك كان مع محمد وإِبراهيمَ ابني عبد اللَّه بن حسن. وقال لأَبي إسحاق الفزاريِ حينَ قَال له : لمَ أشرت على أَخي بالخروج مع إبراهيم حتى قتل ؟ قَال: مخرج أَخيك أَحب إلي من مخرجك. وكان أَبو إسحاق قد خرج إلى البصرة).( احكام القرآن للجصاص ج1 /ص87 ).
وعندما اشتد الظلم والعدوان في اخر عهد بني امية اجتهد قادة من خيار المسلمين واحفاد العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وخططوا مع قادة من الجيوش واقاموا ثورة وحاربوا بني امية حتى اجلوهم ثم اقاموا العدل ونشروا العلم واكرموا العلماء في بداية عهدهم.
ولما وقع من خلفهم ظلم اجاز امام اهل المدينة مالك بن انس الخروج عليهم. وقد ذكر ابن جرير في التاريخ جزء 7 صفحة 560 : ( ان مالك بن انس استفتي في الخروج مع محمد (يعني محمد بن عبدالله بن حسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب). وقيل له: ان في اعناقنا بيعة لابي جعفر، فقال: انما بايعتم مكرهين، وليس على كل مكره يمين فاسرع الناس الى محمد، ولزم مالك بينه). وهذه البيعة بالاكراه كما يحدث من اصحاب الانقلابات او حتى الانتخابات التي يديرها ظالم بالترهيب والتهديد فلا يمكن للعامة انتقاده او ايقاف ذلك، فان هذه البيعة مثل توقيع تحت الاكراه او طلاق المكره كما افتى به الامام مالك رحمه الله بان تلك البيعة لا يعتد بها. واوذي مالك وضرب في ذلك ولم يغيّر فتواه، وذلك منه دفاعا عن حقوق عامة المسلمين وليس الدفاع عن الظالمين الجائرين البعيدين في الجور والظلم.
وفي حالة شدة الجوز والفسوق احكام بعلل تغيّر الحكم على الافعال بحيث الضرورريّات تبيح المحذورات. بل حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من اعانة الظلمة على ظلمهم او تصديق كذبهم كما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله: (أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: أعاذك الله مِن إمارة السُّفَهاء. قال: وما إمارة السُّفَهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي، فمَن صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا منِّي ولست منهم، ولا يردوا على حوضي، ومَن لم يصدِّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك منِّي وأنا منهم، وسيردوا على حوضي. رواه احمد والبيهقي وغيرهم.
وقد ذكر أبن أبي يعلى في ذيل طبقات الحنابلة عن الإمام أحمد في رواية : من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامــة ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا. ونقل عن بعض علماء الحنابلة خلع الجائر، وممن قال بذلك ابن الجوزي وابن عقيل.
ويجب ملاحظة ان الادلة والاقوال قد تكون فيها عدة حالات فمنها ما يتخطى مسالتنا وقد تشير الى حالات اخرى من الجواز او المنع. اي يمكن يكون في ذات الدليل ابحة حالة ومنع حالة فلا ناخذ بعضها ونتجاهل حكم حالة اخرى.
وانظر الى قول ابن حجر فى تهذيب التهذيب وقد دافع عن الحسن بن صالح عندما انتقده البعض في رايه الخروج بالسيف: فقال: ( وقولهم كان يرى السيف يعني كان يرى الخروج بالسيف على ائمة الجور وهذا مذهب للسلف قديم لكن استقر الامر على ترك ذلك لما رأوه قد افضى إلى أشد منه ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الاشعث وغيرهما عظة لمن تدبر وبمثل هذا الرأى لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته واشتهر بالحفظ والاتقان والورع التام.). وهو يعني جواز ذلك عند السلف في حالة الظلم. لكن نظرا للمفاسد تركوا الدعوة لذلك. وهو يفيد اذا لم يرى الناس ان المفاسد اكبر مما هو واقع فان الاصل فيه الجواز في هذه الحالة السيئة من الجور. وتبقى المسالة جواز الخروج في حالة الجور الشديد مع منعه لعدم القدرة، ومسالة القدرة يبحث الناس في تقيمها فمن قدّر ان اغلبية الامة قادرة في ذلك الوقت فلا يحتج عليهم ومن ترك ذلك فلا يعاب عليه.
فعند الترغيب في عدم الخروج خوفا من فتنة اكبر لا يعني في كل حال محظور بل هناك حالة ضد الظلم الاكبر اجازها السلف، اما تقييم ايها اكبر ضرر فهي تقييم للواقع يختلف عليه الناس ولكن اذا راى اغلبهم خلعه وتولية غيره فهم اهل الحق في ذلك وليس لاهل الورع او الحذر الاعتراض الشاذ المعادي بل يتركوا للعامة ادارة امور دنياهم. خاصة اذا كان اغلبية الناس راوا القدرة على التغيير. وان مضار نزعه اقل ضررا من بقاء واستمراره على الظلم الواسع والقتل.
وحول حالات عدة منها المنع ومنها الجواز وليست كلها في حالة الكفر بل والبدعة فقد ذكر محمد بن إبراهيم الوزير اليماني : قال القاضي عياض: (لو طَرَأَ عليه كفرٌ، أو تغييرٌ للشرع ، أو بدعةٌ، خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه، ونصب إمام عادل إِن أمكنهم ذلك، فإن لَم يقع ذلك إلا لطائفة، وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب على المبتدع القيام إلا إذا ظنوا القدرةَ عليه، فإن تحققوا العجز، لَم يجب القيام، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها، ويفر بدينه. وقال بعضهم : يجب خلعه إلا أن يترتب عليه فتنةٌ وحرب. مسلم شرح النووي ج 12 ص 229. فانظر الى قوله ( وجب على المسلمين القيام بذلك)، وعند العجز لم يجب. ومن لا خبرة له بالسياسة والامن ويرى فقط ضرر الخروج او الاحتجاج فهذا من عدم درايته بهذا الشان وقد يرى الاغلبية ضرورة وامكانية التغيير. وعلى المتورع ان لا ينظر فقط للحاكم ولكن ايضا يراعي الضحايا ومئات الالاف المعرضين للظلم والقتل بل والاغتصاب والتعذيب.
والخروج قد يكون عند عدة حالات وليست فقط للكافر. ولا ياخذ البعض حالة الكافر ويحتجوا بها على الحالات الاخرى، او احتمال الضرر والفتنة فقط وكانهم اكدوا هذا دون غيره، فاذا راى الاغلبية ان الظلم والفساد الواقع على العباد والدين كان اكبر بل اصلا واقع على العامة كان لهم نزعه وتنصيب من هو احرى بالعدل.
وقول الشارح: ( فان تحققوا العجز) هذا يعني هذه حالة، وليس تحديد حالة العجز لفئة تفرض رأيها على الاخرين وتفترض العجز فاذا كان الغالبية راوا امكانية ذلك ويحسّون بظلم وفتنة اشد في حالة بقاءه كان لهم السعي الى الاحسن بنزعه.
واما قوله في الحديث: الا ننازع الامر اهله، فقد اختلف الناس في ذلك: فقال القائلون منهم: اهله اهل العدل والاحسان والفضل والدين: اي لا ننازع من كان على عدل ودين طلبا للسلطة، فهلاء لا ينازعون، لانهم اهله، واما اهل الجور والفسق والظلم، فليسوا باهل له. واحتجوا بقول الله عزوجل لابراهيم: (اني جاعلك للناس اماما قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة 124. وذهب الى هذا طائفة من السلف الصالح، واتبعهم بذلك خلف من الفضلاء والعلماء من اهل المدينة والعراق. وبهذا خرج ابن الزبير، والحسين بن علي على الحاكم يزيد، وخرج خيار اهل العراق وعلمائهم على الحجاج، ولهذا اخرج اهل المدينة بني امية عنهم وقاموا عليهم فكانت موقعت الحرة.
وقد ذكر الامام ابن حزم اقوالا كثيرة في كتاب الملل والنحل، واجاز الخروج على الجائر. ومن اقواله: ( وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل من معه من الصحابة، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطلحة، والزبير، وكل من كان معهم من الصحابة. وقول معاوية وعمرو، والنعمان بن بشير، وغيرهم ممن معهم من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين، وهو قول عبد الله بن الزبير، ومحمد والحسن بن علي، وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار القائمين يوم الحرة، رضي الله عن جميعهم أجمعين، وقول كل من أقام على الفاسق الحجاج ومن والاه من الصحابة رضي الله عن جميعهم كأنس بن مالك وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين، كعبد الرحمن ابن أبي ليلى، وسعيد بن جبير، وابن البحتري الطائي، وعطاء السلمي الأزدي، والحسن البصري، ومالك بن دينار، ومسلم بن بشار، وأبي الحوراء، والشعبي وعبد الله بن غالب، وعقبة بن عبد الغافر بن صهبان، وماهان، والمطرف بن المغيرة، ابن شعبة، وأبي المعدو حنظلة بن عبد الله، وأبي سح الهنائي، وطلق بن حبيب، والمطرف بن عبد الله ابن الشخير، والنصر بن أنس، وعطاء بن السائب، وإبراهيم بن يزيد التيمي، وأبي الحوسا، وجبلة بن زحر وغيرهم، ثم من بعد هؤلاء من تابعي التابعين ومن بعدهم كعبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر، وكعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عجلان، ومن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن وهاشم بن بشر، ومطر الوراق، ومن خرج مع إبراهيم بن عبد الله، وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة، والحسن بن حي، وشريك، ومالك، والشافعي، وداود، وأصحابهم. فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث، إما ناطق بذلك في فتواه وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكراً.). انتهى كلام ابن حزم.
وقال ابن حزمٍ في ( الإجماع ) : ورأيت لبعض من نصب نفسه للإمامة والكلام في الدين، فصولاً، ذكر فيها الإجماع، فأتى فيها بكلام، لو سكت عنه، لكان أسلمَ له في أخراه، بل الخرس كانَ أسلمَ له، وهو ابن مجاهد البصري المتكلم الطائي ، لا المقرئ، فإنه ادعى فيه الإجماعَ أنهم أجمعوا على أنه لا يُخرج على أئمة الجور، فاستعظمت ذلك، ولعمري إنه لعظيم أن يكون قد علمَ أن مخالف الإجماع كافر، فيلقي هذا إلى الناس، وقد علمَ أن أفاضل الصحابة وبقية السلف يومَ الحرَّةِ خرجوا على يزيد بن معاوية ، وأن ابن الزبير ومن تابعه من خيار الناس خرجوا عليه، وأن الحسينَ بن عليٍّ ومن تابعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضاً، رضي الله عن الخارجين عليه، ولعن قَتَلَتَهم ، وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم، أترى هؤلاء كفروا ؟ بل واللهِ من كفرهم، فهو أحق بالكفر منهم، ولعمري لو كان اختلافاً – يخفى – لعذرناه، ولكنه مشهور يعرفه أكثر من في الأسواق، والمخدَّراتُ في خدورهنَّ لاشتهاره ، ولكن يحق على المرء أن يَخطِمَ كلامه ويزُمَّه إلا بعد تحقيق وميزٍ، ويعلم أن الله تعالى بالمرصاد، وأن كلام المرء محسوب مكتوب مسؤول عنه يومَ القيامة مقلداً أجر من اتبعه عليه أو وزرَه) . انتهى كلام ابن حزم.
وقال الجويني إمام مذهب الشافعية: عندما ذكر أن الإمامَ لا ينعزل بالفسق: فقال: (وهذا في نادر الفسق، فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق، وارتفعت الصيانةُ، ووضحَت الخيانةُ، فلا بدَّ من استدراك هذا الأمر المتفاقم، فإن أمكن كف يده، وتولية غيره بالصفات المعتبرة، فالبدار البدار، وإن لم يمكن ذلك لاستظهاره بالشوكة إلا بإراقة الدماء، ومصادمة الأهوال، فالوجه أن يقاس ما الناس مندفعون إليه، مبتلونَ به بما يعرض وقوعه، فإن كانَ الواقع الناجز أكثر مما يتَوقَع، فيجب احتمال المتوقع، وإلا فلا يسوغ التشاغل بالدفع، بل يتعين الصبر والابتهال إلى الله تعالى.). انتهى. ويؤخذ منه الامر في تقيمه اجتهاد للامة فاذا اغلبيتهم رات الخروج وقدرتها على ذلك جاز، فهذا في شان الخروج بالسيف فكيف بالاحتجاج السلمي (الذي نعنيه الان) والتعبير الذي يراد به مشاركة الناس في تولية من يرونه يوقف عنهم الظلم ولو يقلله.
وفي العصور التي هي خير واقل جور من اليوم نقل عن ابن خويز منداد المالكي، الذي نقل عنه القرطبي قوله: (إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم). القرطبي\ الجامع لأحكام القرآن 5/259. اقول هذا في زمان القرطبي فكيف في زمان الترابي واتباعه من الظلمة ومن ساروا على نهجهم.
ونقول نعم رغّب بعض السلف في الصبر على الجائر لكن الحالة البالغة السوء اجازها العديد من السلف والائمة منهم الامام مالك والشافي وابي حنيفة وغيره من الفضلاء المذكرورين.  
وان ورع البعض وخوفهم من حدوث الفوضى والقتل، فانه ليس في حالة الجور الشديد لان في هذه الحالة يكون احتمالهم لبقاء السلطان الجائر اكثر ضررا ومفسدة على اغلبية الناس، بل وتفكك دولة المسلمين وتقسيمها والتسبب في محاربة الاخرين للدولة مع ضياع الدنيا والدين الذي وصل حد اغتصاب الحرائر وقتل مئات الالاف من البشر، وتشريد الملايين لطلب الحماية في بلاد غير المسلمين هربا من العدوان والتعذيب، واذا حصرت الحروب التي وقت في السودان في عصر البشير واتباع التربي تزيد على ثلاثة ملايين قتيل، فاي ضرر اكبر من ذلك؟ مع تفكك المجتمع وضياع الفضيلة وانهيار الاخلاق وتفشي الرذيلة باضعاف ما كانت عليه قبل نظام الترابي والبشير الظالم المتطرف ومن خلفهم متابعا على طريقتهم مبقيا على شركاءهم.
وحتى دول الاعتدال التي تمنع الخروج على الحكام ونقول هي محقة في تلك الحالات وتلك البلدان في هذا العصر، لكن نقول انها ايضا اجازت بل وفعلت ودعمت الخروج في الحالات التي خرجت على الحكام الجائر في دول بلغت حالة الابحاة بل والضرورة وحاربت الجائر في ليبيا عهد القذافي وافغانستان والعراق عهد صدام وغيرهم، دعما للشعب المظلوم وليس ذلك لمجرد معاصي الحاكم الخاصة في سلوكه او ظلمه لنفر قليل، ولكن لبلوغ الظلم والاعتداء حدودا لا تحتمل بل تضر بالعقيدة والمصالح والضرورييات الخمس التي جاءت الشريعة لحمايتها كما ايدت تلك الدول اعتراض الشعب الايراني على ظلم الرافضة لشعب الاحواز. واحيانا دعما للشعب بعد ان تنازع حاكم مع منازع ووقع الظلم البشجع انحاز اهل الاعتدال الى الشعب كما حدث في اليمن ضد ظلم الرافضة والحوثي، وغيرهم، فدعمت دول الاعتدال للشعب والجيش في خروجه على الانقلابي الجائر، ولم ترى الدول الداعمة للشعب ان ذلك خروجا سيئا وانما انحياز لعامة الشعب المظلوم.
فهناك حالات تراعى مثل اذا كان الذي يقع من الحاكم اكبر واشد جرما من الخروج عليه مثل ضياع حقوق العامة وليس فقط ظلما لفراد او حتى جماعة بل العامة وقع عليها الظلم وضاعت الحقوق واضر بالدين وفشى الفساد بسبب ما جد من الامور بل وحدث الاغتصاب الجماعي على حرائر المسلمين بل وحتى اغتصاب بعض الرجال لكسر شوكتهم سياسيا ومعنويا، بل والابادة الجماعية وحرق بيوت الرعاة، فان هذا النوع من الحكم الجائر وقع منه فساد في الدين والدنيا وما يعد اكثر فسادا من الخروج عليه. فاذا تحقق ذلك وسعى الناس لتنصيب من هو اقل سوءا او رغبة في الاحسن ويقوم بذلك حاكم اخر وليس اعتداء افراد بل اذا قامت غالبية المسلمين لحفظ حقوقها وانتصارا لاعراضها بل وحماية لدينها فهذا امر يختلف عن الخروج الفردي او فئة على حاكم ظلمهم فان الظلم على الافراد يجب الصبر عليه ولكن ظلم العامة شيئا اخر. وهذه حالة ان يقوم فيها قائدا مثله اي مثل ما يحدث من قادة الجيش او غالبيتهم لحماية الشعب فان سيطروا كانوا هم الحاكم الغالب الافضل وكان على الناس طاعتهم وهم الذين لا يجوز الخروج عليهم وليس الجائر الظالم. وليس هذا للذي يخدع ويحمي الظالم بل من كانت معه غالبية الامة.
واما اذا كان اصلا الحاكم من يمومه الاول لم ياتي بطريقة سليمة فاذا خرج عليه قائد اخر مرضيا من اغلبية المسلمين كان اولى بالنصرة والطاعة. خاصة اذا كان الحاكم اصلا هو خارج على امام وعلى من اختارته غالبية الامة فهو الخارج وليس الامام الذي يعطى حق عدم الخروج عليه، وهناك من ياتي بانتخاب لكنها بالاكراه اي بعد ان اعتدى وسيطر على السلطة ثم اكره الاخرين على اختياره ليعطي شرعية صورية، فهو اصلا لم يكن شريعا وان بيعته في اولها انعقدت بالاكراه فاذا امكن الناس نزعه او احتجوا سلميا ودعوا لان ياتون بخير منه فلا يكون ذلك خروج بل هو عودة للشرعية واعادة للامور الى ما كانت عليه قبل ان يفرض الجائر نفسه عليهم. فهنا الحاكم جاء خارجا على العامة وظالم لهم فان سعوا الى اعادة الامور الى نصابا لم يكن البقاء عليه هو الخير ونزعه هو الشر، فيجب مراعاة ان هذا الحاكم اصلا جاء معتديا ظالم فلهم ان يستعيدوا امرهم.
ولا يعني كل حالة ان يكون التغيير فيها هو الفوضى والقتل بل ربما كان القتل الذي يقع اثناء نزعه اقل مما يقع من النظام القائم الظالم الذي غير حتى معتقدات المسلمين الى مفاهيم هي التي تدعو الى الخروج على الحكام في بلدان اخرى وذلك ما يتسبب في محاربة الاخرين للبلد سواء عسكريا او اقتصاديا فاعتداءه قد دفع الاخرين لما يسبب الضرر بالناس عامة. فاذا امكن الناس نزعه بما جد من وسائل تعارف الناس عليها واقروها وهو العصيان المدني او الانتفاضة السلمية فهي وسائل ليست حرب وانما من حاربهم هو الجاني وهو المعتدي على العامة ومضيع لمصلحة العامة لاجل مصلحته الخاص مع الجور والظلم بل وافساد الدين. واذا كان بين هؤلاء المحتجين اقلية معادية للدين كما يقال شيوعية وعلمانيين لكن عامة او اغلبية المحتجين ليسو كذلك فلا تترك مصلحة العامة خوفا من ان بينهم فئة قليلة معادية للدين بل يمكن مساعدة الغالبية مع الاعتراض على الاقلية السيئة.
ومن قال ان السلطان الذي جاء بالانقلاب هو على الحق؟ بل هو الباغي والمعتدي من قبل: واذا تاملنا الاية: ( فقاتلوا التي تبغي ) لوجدنا ان الفئة الباغية هي التي يجب ان تنزع اذا وجد من قاتلها من عامة المسلمين فيكون للناس النصرة ضد الفئة الباغية وهي النظام المعتدي الذي سلب الحقوق والسلطة التي ارتضاها الناس، وليس حماية الانقلابي المعتدي على الشعب المسلم الذي اختار حكامه بالاغلبية، وحتى اذا نظرنا الى نظام الحكم السابق قبل نظام البشير لا نجده اكثر ضررا ولا فجورا من الفئة الباغية التي قامت بالانقلاب في 1989م. بل هم اولى منه وانهم جاءوا باختيار الاغلبية فمهما وقع منهم من فساد كانوا اولى من انقلاب الترابي والبشير.
وان الظالم الذي اخلّ بالضرورريّات الخمس ومقاصد الشريعة وهي: النفس والدين والمال والعقل والعرض. فلا اضر من ذلك حتى لو قتل البعض او اوذي في سبيل ذلك فانه يحفظ للاخرين دينهم وكل ضروريياتهم.  
ونقول لمن يخشى الفتنة او القتل. الا يوجد نظام البشير القتل بابشع صوره؟ وكذلك منهم خلفه من انقلابيين. الم يقتل في دارفور وحدها اكثر من ثلاثمائة الف شخص؟ الا يهمك هؤلاء؟ مع انهم من اكثر الناس حفظا للقرءان. الم يتفشى القتل في كل اقاليم السودان؟ الم تغتصب الطالبات سواء في داخليات المدارس او حتى احتجازهن من الطرقات وكما حدث في منطقة تابت بدارفور اغتصاب اكثر من مائتي امرأة وطفلة في يوم واحد، الم يقتل بالحوادث الوهمية المفتعلة كثير من الدعاة والناصحين الذين يخشى النظام من سماع الناس لنصائحهم. الم تهرّب اموال الدولة الى الخارج بالمليارات واصبح الشعب فقير في بلد غني. الم يزج بالالاف في السجون وتعذيبهم بصور بشعه الم يجمع العالم في الامم المتحدة على ادانة النظام بالابادة الجماعية وحرق البيوت على اصحابها في دارفور واقر العالم باجمعه لادانته الا دولتان انذاك هما ايران وسوريا. لانهما كانا يدعمانه ويمارسان مثل نظام جماعة الترابي والبشير.
اذن ليس هناك ضرر متوقع اكثر مما وقع من نظام البشير ومن تبعه، وكلما تمكنوا اكثر زاد الظلم والجور والفساد، ولا يظن ان اختيار الشعب السوداني في هذا العصر اضر به من نظام اتباع الترابي، والشعب اليوم اكثر وعيا واعقل. وان النصر احرى اذا تحرر الشعب اولا من الدجاليين الخادعين باسم الدين المتصالحين البائعين للشعب والدين، واذا قادته رموز حرة مستقلة، فانه سيحرر نفسه ويعيد مجده انشاء الله.
واما الاستدلال على منع الاحتجاج بحديث: (اسمع واطع ولو ضرب ظهرك). فان هذا الحديث الشريف الذي نؤمن بما فيه ونطيعه، نقول انه لا يعني حالة اغلبية الناس ان تدافع عن نفسها او تنزع الجائر كما ورد من السلف المذكورين، ولكن الحديث يعي للفرد الذي ظلم او ضربه الامام الظالم يصبر عليه ويبقى الضرر عليه بدلا من ان يحدث فتنة للعامة لكن اذا كانت العامة مظلومة واغلبيتها رات نزعه فهذا امر اخر، فكيف اذا كان الامر فقط الاحتجاج السلمي او طلب من الامة تغيير الجائر بل طلبهم موجه لقادة جيش الامة ان ينزعوا الظالم فهذا امر اخر والتقيم فيه لاغلبية الامة ومصلحة عامة الامة خاصة اذا كان بالطرق السلمية لابعاد الظالم.
كما اشير الى ان هذا يختلف عما يقوم به التكفيريون وجماعة الاخوان المسلمين من دعوة للخروج على حكّام المسلمين هذا العصر في كثير من البلدان فانه فوضى وفتنة، بل يؤيدون ذلك على خير بلاد المسلمين، وثبت من فعل هذه الجماعات اللعب بالدين واستغلاله لمصالحهم الشخصية بل اضروا بدين الامة في البلدان التي سيطروا عليها، فليس جواز الاحتجاج في بعض الحالات دليل على ما يفعلون باسم الدين، ويبقى الموضوع الحرص على السلام والاستقرار ولكن لا يعني هذا منع الدفاع عن الحقوق او ان تسعى الامة لايقاف الظلم ان قدرت على ذلك، كحق للامة اي غالبيتها وليس للفرد المظلوم الذي في صبره خير من اثارة الفتنة. لكن لغالبية الناس امكانية الاحتجاج والسعي لنزع الظالم الذي عذب الامة وسرق اموالها وهرب المليارات خارج البلاد واجاع الشعب الذي يمتلك بلده الكثير ولكن حرمه الظالم عمدا لاجباره على اتباعه، فهذا الشعب له الحق في الاحتجاج والتغيير.
كتبه عثمان حسن rahana04@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://truthislam.ahlamontada.com
 
الاحتجاج او الخروج على الحاكم الظالم متى وكيف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حقيقة الاسلام وجوهر الدين :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: